الأحد، 28 يوليو 2013

آثامٌ طائرة..




من يصل إلي هذا المكان لا يعود، تجنبه الجميع غير أولئك الحمقى الذين يزعمون أنهم يبحثون عن روحهم التي ضاعت منهم ويقولون أن سيجدونها هناك.
ودائما يوجد أحمق وحيد مختلف، هو الذي يقرر أن يكشف السر ويذهب بدافع اثبات كذب الأساطير، مع الاختلاف هنا أنه لم توجد أساطير كافية .
مكان لم يمت فيه أحد إلا في هذا العصر  الجديد، رغم كثرة المعارك إلا أنه لم يسال فيه دم، ورغم قسوة التجارب النووية لم يطله الضرر، كان خاليا من الغابات التي تنتقم لأنفسها ، لم يطأه إلا بشر مسالمون وحيوانات مسالمة، لم يشتك من شئ طوال سنوات تواجده، غير أنه في الأوانة الأخيرة توحش وأصبح من يطأه يختفى داخله ،حتى وإن كان من يطأه في الأونة الأخيرة أحمقاً لا ينفى غرابة أن توحش المكان بهذه الصورة مرة واحدة.
الأحمق الوحيد جهز عدته للسفر، بعض الطعام وقربة ماء وأسلحة . مشى ولا يعرف متى سيتوقف ، المجاذيب الذين اختفوا ساروا من هذا الطريق ،وهو يسير في نفس الدرب حتى يصل إلي السر.
الطريق الترابي اختفى منذ فترة وهو يمشي في الثلوج،  وحيداً يستمع إلي غناء حزين لا يعرف مصدره، يشعر به في أعماق أعماقه ، لو أرد أن يمسكه ستنفذ يده من جسده دون أن يُطال هذا المصدر، ذلك الغناء يبدو كأنه ينبع من داخله كتلك الألحان التي ندندن بها لأنفسنا دون وعي في لحظات الوحدة، لكنه لم يسمع ذلك الغناء من قبل، أنه نوع من تلك الأغاني التي لا تسمعها سوى مرة واحدة؛ لأنك ستموت بعدها فإنها تضرب على أوتار روحك وترا تلو الآخر حتى تهتز فتهرب منك نفسك.. لكن ليس هو ! فالجميع لا يتأثرون بنفس الأغنية دائما،حتى الأغنية الساحرة تأسر البعض ويعجب بها البعض ويكتفون بالاعجاب، لم تتقطع أوصاله تلك المرة ،وما زال مستمراً في طريقه..

- مختلف ، غريب ، لم يأت لنفس الهدف الذي أتى به من سبقوه!
سمع صوتاً، الألم يزداد، يريد أن يبكي فقط على تلك الثلوج البيضاء ، يريد أن يشبهها..
- لن يأسرني ذلك المكااااااااااااااااااااااااااااااااااان
- هل يعجبك العالم؟
- نــــ.....نـــــ.....نـــــعم
- لو كنت صادقا لما توجعت
- وما دخل العالم بهذا المكان؟
- دخله أن كل من يأتي هنا يكون قد تلوث من العالم، فيأتي للنقاء.
- وهل تنقى أحد؟
- نعم، كلهم وصلوا للنقاء، لكنهم طمعوا في نقاء أكثر، فانقلب نقاءهم إلي شر خالص ، وهذا مكان لا يخرج منه شرير خالص ولا نقي خالص،فقط بشر
- من وضع تلك القوانين؟
- آمممممممم..... لا تسأل ، هل تريد النقاء إذن؟
- لا ..لقد جئت لهدف، لكن نعم أريد النقاء، لا أريد أن أموت، أريد أن أكشف السر وفقط
- ألم تسمع الحكاية؟
- أي حكاية؟
- الأغنية التي سمعتها، كانت مؤلمة ،أليس كذلك؟
  ....
تُسمع أصوات جديدة أخرى مجهولة المصدر..
- لم تكن مؤلمة بالقدر الكافي معه، نحن ننظر إلي القادمين ونعرف من منهم سينضمن إلينا
- لم يكن منهم
- كان من الأفضل لك أن تموت  لو كنت تعرف..
 ثلاثة مجموعات كوكبية في السماء ،ثلاثة أصدقاء آرادنا التظهر من ملوثات النفس جئنا هنا حيث الثلج أكثر نقاءاً ، طمعنا في النقاء حد الشر، فانضممنا للسماء لتنقية أخرى ننتظرها، لم نترك إلا لحننا في الأرض، يتبعه من أراد السماء، لم يصعد أحد إلي السماء الإلهية بعد لأننا لم ننقى تماماً، جميعنا في السموات الأرضية نتجمع في مجموعات تزداد لمعانا كل يوم حتى نتمكن يوما ما من الذهاب لسماء إلهية.
 كنت أنت مؤهلاً لذلك، للذهاب لسماء إلهية، لكنك لـــ ..... م تــُ ...... ر....... د  ..
....
اختفت الأصوات ،اختفى كل شئ، ولم يختف الألم
-لكنني لم أرد ! لا، لا أنا أريد ذلك ، أريد ذلك ، أريد السماء الإلهية
استل خنجره وطعن نفسه، وسالت أول دماء في هذه البقعة من الأرض.
فلم تعد تنادي أحداً ؛ لأنها فقدت نقاءها،وأصبحت مكانا أرضياً ..


مريم
23/7/2013 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق